ان مفهوم إدارة الموارد البشرية قد جاء متأخرا في التطبيق الإداري وهذا المفهوم قد جاء كتطوير لدور الإدارات التي سبق أن طرحناها من قبل وهو مرتبط أساساً بتوفير وتنظيم احتياجات العمل من العمالة المؤهلة وفق أسس علمية ونظم مدروسة ومعتمدة مسبقاً ، كما يشمل ذلك ما ذكرناه من خدمات ومسئوليات يوفرها البعد الأول «إدارة شئون الموظفين» وأيضا الخدمات والمسئوليات التي يوفرها البعد الثاني « إدارة الشئون الإدارية» ولكن يضاف اليها مسئوليات جديدة أو أوسع ، نذكر هنا أهمها ( وهي ليست حصرا) بمثل :
? وضع خطط للتوظيف مسبقة وذلك بالتنسيق مع كافة أقسام وإدارات وفروع الشركة / المؤسسة توضع احتياجاتها المستقبلية من العمالة وتصنيف هذه الاحتياجات على شكل فئات وتحديد جهات وأماكن استقدامها .
? تنفيذ برامج الاستقدام الخاصة بتوفير العمالة يشمل ذلك كيفية وأماكن الإعلانات وتحديد المقابلات ثم الاختيار بالتنسيق مع الأقسام المعنية وتقديم العروض الوظيفية .
? وضع خطط ومتابعة لتدريب العمالة بعد توظيفها وأثناء فترة التجربة ثم متابعة استلامها ومزاولتها العمل وبالطبع إصدار جميع التصاريح والعقود وما يخص ذلك.
? وضع سلالم رواتب ودرجات توظيف وتصنيف الوظائف لكافة الموظفين .
? الإشراف على تقييم أداء الموظفين السنوي ومناقشة تنفيذ التوصيات اللازمة بالتقييم .
? الإشراف على خطط الإحلال والإبدال والاستغناء عن العمالة الزائدة والفائضة عن الحاجة .
? تدوير الموظفين بين الأقسام والفروع والوظائف المتوفرة لما فيه مصلحة العمل وحسب الحاجة.
? التفتيش والتحقيق والتقصي لاعتماد أي إجراء خاص بإجراءات : التوظيف - النقل - الفصل - وكذلك الزيادات والترقيات للموظف وفق الجداول وسياسات العمل المعتمدة مسبقاً .
? متابعة جميع القضايا العمالية والخلافات والمشاكل الوظيفية ،، الخ .
ومن حق إدارة الموارد البشرية رفض تنفيذ أية توصيات قد لا تكون من صالح العمل أو لا تنطبق وفق نظم العمل وهي في الحقيقة إدارة تشريعية وخدماتية في نفس الوقت وتشرف حسب طبيعتها بل تهيمن على جميع النظم الخاصة بتوفير وتوظيف وحركة العمالة في الشركة وتتمتع بصلاحيات واسعة جداً تجيز لها إيقاف تنفيذ أو تطبيق أي إجراء لمصلحة العمل ، وهذه الإدارة تدار عادة بواسطة مدير متمرس جداً تحتوي شخصيته على صفات قيادية عالية في مجالات العلاقات والإدارة ويكون بمستوى مدير عام أو نائب للرئيس وهو غالباً ما يتبع مباشرة إلى صاحب القرار الأخير بجهة العمل حيث تزداد سلطته على زملائه التنفيذيين في الأقسام الأخرى .
كما تترأس إدارة الموارد البشرية في العادة عدة وحدات إدارية ضمن مسئولياتها ومنها (وهي ليست حصرا) :
• وحدة شئون الموظفين
• وحدة المشتريات
• وحدة الأمن
• وحدة الصيانة
• وحدة الإسكان
• وحدة العلاقات العامة والحكومية
• وحدة الاستقبال والخدمات
• وحدة التقييم والتدريب
• وحدة الدعاية والإعلان
• وقد تكون مسئوله مباشرة عن رئاسة لجان ثانوية تابعة إلى العمل وحسب طبيعة العمل .
نجد غالبية الشركات العالمية والشركات المساهمة والشركات الكبيرة ذات النشاطات الواسعة والمتعددة تتخذ من إدارة الموارد البشرية لديها عاملاً هاماً لتطوير عمالتها والارتقاء بأدائها إلى مستويات قياسية ودولية أفضل من خلال فترة عملهم لديها ، ولذلك توفر لهذه الإدارة جميع ما تستحقه من دعم وصلاحيات وتعتني جداً بتوفير كوادر من الموظفين ذوي الكفاءات والمهارات العالية للعمل ضمن فريق العمل لديها ، وتهتم بتوفير قدر جيد من الدورات التدريبية والتطويرية لموظفيها خلال برامج معتمدة مسبقاً لهم وعليه ترى الهياكل التنظيمية لها تأخذ الشكل الأفقي والهرمي بالتساوي وكمية الموظفين العاملين ضمن هذه الإدارات متوافق مع النسب المتعارف عليها حتى تستطيع القيام بواجبها بالشكل الأفضل وتقديم خدماتها بالشكل الصحيح .
كما يبقى لإدارة الموارد البشرية الحق بتقديم الاقتراحات المناسبة حول توفير برامج خدماتيه للموظفين وأن تشرف على تنفيذها ومنها برامج للاقتراض المالي ، برامج التملك ، برامج التأجير ، برامج الإسكان ، وبرامج الترفيه الأسري ، برامج التنشيط الرياضية ، والبرامج الاجتماعية ، وهي تحرص على تنسيق الحفلات والمهرجانات والاحتفالات التكريمية للموظفين وعوائلهم وبعض العملاء أحيانا لترسيخ هذا المفهوم .
ونؤكد وفق ما ذكرناه آنفاً أن هناك خطأ وخلطاً كبيراً في مفهوم أبعاد الإدارة الثلاثة لدى كثير من جهات وقطاعات العمل ، فترى بعض الإدارات العليا تنشئ وحدات شئون الموظفين وبهيكل وعمالة محدودة جداً ثم تطالبها لاحقا بتنفيذ أو تطبيق برامج خاصة بإدارات الموارد البشرية من ناحية الكم والنوع والأهمية ، أو أن توسع من هذه الإدارات بحجم إدارات للشئون الإدارية ولكن تحدد وتقيد صلاحياتها وتقننها ثم تقلص من مشاركتها في تطوير الموظفين والارتقاء بهم ، ومازال هناك حتى اليوم في مجال العمل وللأسف الشديد من المسئولين من لا يعترف بأبجديات التنظيم الإداري مثل أهمية وضع خطط وتحديد الأهداف المسبقة كي يبنى عليها لاحقا إعداد أوصاف وظيفية وهياكل تنظيمية إدارية وتوفير سلالم لدرجات الوظائف ترتبط بها سلالم للرواتب وأعداد الميزانيات العمالية ، ويعتبر جميع ذلك معوقات للعمل وحريته باتخاذ القرار .
ان المفهوم العملي لدور الإدارة هو تقديم خدمات مساندة ومساعدة إلى كافة الأقسام لتسهيل أعمالها وتطوير ونمو العمل لديها ولاتخاذ القرارات الإدارية الصحيحة ، وعليه يفترض بل يجب التعاون التام فيما بين وحدات الإدارة (أيا كان مفهوم أبعادها) وكافة الأقسام الأخرى بقطاع العمل ، مع أهمية تحديد نوع وطبيعة الخدمات المطلوبة من الإدارة والتي يجب أن تبقى ضمن حدود الإمكانيات والصلاحيات التي تضعها لها الإدارة العليا بالإضافة إلى مراعاة قوانين وانظمة البلد وحتى لا يكون هنالك خلط آخر في تحميل الوحدات الإدارية مسئوليات وأعباء لخدمات لم تنفذ وذلك بسبب تعارضها مع الأنظمة أو لعدم وجود صلاحيات أو نفذت خطأ لعدم وجود تنسيق وتعاون بين الأقسام .
اننا نرى أن تحديد اسم الوحدة الإدارية الصحيح مقيد أصلا بحاجة ومفهوم نوعية وحجم الخدمات الواجب تقديمها للموظفين وكذلك حجم ونوع ونشاط العمل بالقطاع الذي تمثله ومتى ما تم توضيح هذه الأسس بالشكل الأمثل نستطيع حينذاك تحديد أي بعد أو أفق أو اسم مناسب لهذه الوحدات وعليها هي الالتزام بتقديم خدماتها وفق إمكانياتها والصلاحيات الممنوحة لها ولا نكتفي فقط بإطلاق الأسماء مجردة جزافا واعتباطاً على هذه الوحدات الإدارية ثم نطالبها بتقديم جميع أنواع الخدمات ونتوقع منها المعجزات الإدارية لمجرد مقارنتنا لما يدور او يحصل في جهات أو شركات أخرى ، وان فشلت هذه الإدارات بتحقيق ما نتوقعه منها نقوم بتوجيه كل اللوم ونكيل الاتهامات لها بالتقصير والتخلف الإداري وعدم الاحتراف .
وختاما نقول ان هذه المسئولية مرتبطة حقا بأصحاب القرار في الإدارات العليا وعليهم (هم ولا أحد سواهم) أن يسألوا أنفسهم عن ماذا يريدون تحقيقه من وجود الوحدات الإدارية في قطاعهم لتقديمه من خدمات ومسئوليات كي تقوم بواجبها بالشكل الأفضل لهم من وجهة نظرهم؟ ثم الاستفسار عن ماذا قدموا هم لهذه الوحدات من صلاحيات ووفروا لها من دعم كي تنجح بتحقيق ما أرادوه منها ؟ ان فهمهم لهذه الأسئلة جيدا وحسن اجابتهم عنها بصراحة وصدق سيحقق دونما شك التعرف على الآفاق والأبعاد الإدارية الصحيحة لمفهوم الإدارة التي تناولناها في سلسلتنا هذه والتي أرجو أن نكون قد وفقنا بطرحها للمهتمين من القراء ،

منقول من صحافة هذا اليوم