البريد الرسمي وإدارته في مهب الريح
جميعنا يعلم بأن البريد الرسمي هو الممول الأكبر للبريد السعودي من حيث العائد المادي ويأتي بعده البريد الممتاز
من المعروف أن البريد الرسمي في المملكة العربية السعودية يمثل شبكة الوصل بين جميع الإدارات والمؤسسات الحكومية
وكان في السابق يدعى بريد الملك عبدالعزيز حيث تعتمد الدولة اعتماداً مباشرا وكلياً عليه .
لذا كان لزاماً على الدولة إعطاء هذا المرفق اهتماماً خاصاً لأنه يعتبر بمثابة الدم في جسد الدولة
وظل هذا البريد يسير بعناية فائقة واهتمام حتى تولت قيادة البريد " مؤسسة البريد السعودي " .
فصبت هذه المؤسسة اهتماماً بالغاً على تطوير البريد ، وإدخال خدمات جديدة لتحسين الدخل وتنميته ، ولم يحظى البريد الرسمي من هذا الاهتمام مع أنه يشكل أهمية بالغة وحلقة وصل تعتمد عليها الدولة داخلياً وخارجياً في شتى مجالاتها .
وأصبح البريد الرسمي في نزول مستمر بسبب عدم الاهتمام به مما حدى ببعض الإدارات الاعتماد على نفسها أو على قنوات أخرى لإيصال بريدها والبريد الرسمي يراقب ويتأمل دون أن يحرك ساكناً .
وأصبحنا نسمع ونشاهد سلبيات تتكرر في أداء البريد الرسمي وانهيارات في الأداء و الدخل حتى أجبرت مؤسسة البريد السعودي على فصل إدارة البريد الرسمي واستقلالها ليتم تلافي هذه المشكلات والسمعة السيئة التي اكتسبها هذا القسم الهام والفعال .
وتم تشكيل إدارة جديدة لقيادة البريد الرسمي مستقلة ، فحاولت الإدارة الجديدة كسائر أي إدارة جديدة في إجراء التغييرات والتعديلات ووضع الخطط والدراسات وعمل التعاميم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه واستكمال ما هو جيد وتطويره ، فكان معظمها موفق وكان له أثره في إنقاذ بعض التلفيات في الأداء ، ولكن هذا التقدم كان بطيئاً جداً بسبب العادة البريدية التي يتمتع بها أكثر البريديين وهي عدم تقبل أي جديد بسهولة .
وهذا أيضاً ساهم في فشل بعض الخطط التنظيمية والتطويرية .
ومر البريد الرسمي في الآونة الأخيرة بعدة أجواء وظروف خارجية أثرت عليه سلباً ومن أهمها إدخال الناحية التقنية بنظامها السيء والذي ساهم بتأخير العمل وتعطيله بسبب كثرة أعطاله ومشاكله وعدم مناسبته للعمل الفعلي ، فمن المعروف أن الجانب التقني يساعد دوماً على دقة وسرعة إنجاز العمل ، ولكن عندما فكرت إدارة البريد الرسمي بإدخال الجانب التقني فبدأت من حيث بدأ الأخرون وليس من حيث انتهوا .
فألقت هذا النظام وزجت به على أجهزة الحاسوب وهو نظام سيء جداً وقديم ثم تخلت وتبرأت منه فلم تقدم أي دعماً فنياً لمشغلي هذه البرامج و تهرب القائمين على الناحية التقنية وخلصوا أنفسهم من كل مسئولية تجاه هذا النظام كي لا يشار عليهم بأصابع الاتهام بتدمير البريد الرسمي . فكان هذا الجانب محبطاً لكل الآمال التي راهنت على نجاح البريد الرسمي وتفوقه على مثلائه ومنافسيه . وكان ذلك بمباركة شخصيات هامة استغلت وضعها الجيد بفرض هذا النظام الغير صالح و إقناع المسئولين به حتى تم إدخاله ليصيب البريد الرسمي في أزمة خطيرة كان في غنى عنها .
والمقتل الأخير هو عدم اهتمام وعناية شركة ناقل المكلفة بنقل البريد ولم تعطي هذا القسم الهام العناية الكافية فأصبح البريد الرسمي يتلف ويفقد ويحرق ومعروف أنه غالباً ما يتوقف مستقبل الكثير من الناس والإدارات عليه . فكان في السابق يتمتع بمعالجة خاصة وتهيئة خاصة وإرساليات خاصة أم الآن فلم نرى من هذه الأمور شيء .
وفي الختام نأمل من مؤسسة البريد السعودي الالتفات إلى هذا القسم الهام وإعادة تنظيمه وهيكلته وإبعاد المتطفلين عنه كي يعود لحياته من جديد ويحظى بثقة الإدارات الحكومية من جديد ، وأن يستقل استقلالاً فعلياً وليس شكلياً لدرجة أن كل عاقل يقول الآن ياليت الوزارة نفذت خطتها في إبقاء البريد الرسمي تابع للحكومة كي تبقى هيبته ويكفل أمانه .
والله من وراء القصد
محبكم : بريد نجد